كشف سعادة السيد ايفجين ميكيتينكو سفير أوكرانيا لدى الدولة عن افتتاح السفارة القطرية في العاصمة الأوكرانية كييف خلال ثلاثة أو أربعة أشهر في إطار تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، فضلا عن تفعيل اتفاقية إعفاء القطريين من حاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصّة من التأشيرة خلال شهرين، وتدشين خط جوي مباشر بين الدوحة وكييف خلال العام الجاري، حيث يزور وفد من الخطوط الجوية القطرية أوكرانيا في وقت لاحق من الشهر الجاري للاتفاق على التفاصيل النهائية.
وقال سعادته، في حوار مع الراية، إن العام الجاري عام متميّز في العلاقات القطرية الأوكرانية، وسيشهد طفرة وقفزة كبيرة في التعاون المتبادل على كافة المستويات، لافتًا إلى التأثير الإيجابي لافتتاح سفارة أوكرانيا بالدوحة مارس الماضي، ووجود تسهيلات كبيرة في التأشيرات للقطريين ومستقبل واعد للاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين.
وأكد أن العلاقات القطرية الأوكرانية شهدت تطورًا ملحوظًا خاصة بعد زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى أوكرانيا وزيارة رئيس أوكرانيا إلى قطر، وعليه تمّ بناء علاقات قوية وممتازة بين البلدين الصديقين. وأوضح أنه تمّ توقيع بروتوكول إقامة علاقات دبلوماسية بين قطر وأوكرانيا في 13 أبريل 1993، وتمّ افتتاح سفارة أوكرانيا بالدوحة منذ شهرين، لافتًا إلى أن افتتاح سفارة أوكرانيا في الدوحة يؤكد الاهتمام الذي تبديه حكومتا البلدين لتطوير علاقات متينة. وشدد على حرص أوكرانيا على إقامة علاقات قوية مع كل الدول العربية والخليجية.
وقال السفير ميكيتينكو إنه سيتم افتتاح سفارة قطر في أوكرانيا خلال ثلاثة أو أربعة شهور على الأكثر، كما سيتم تفعيل اتفاقية إعفاء القطريين من حاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة من التأشيرة خلال شهرين، ليمكنهم السفر بعدها إلى أوكرانيا بتذكرة السفر دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة. وأكد أن المواطن القطري يحصل على تأشيرة السفر خلال يوم واحد من التقديم عليها شرط حصوله على دعوة من داخل أوكرانيا ولا يتم تأجيل أي طلبات في إطار التسهيلات التي تقدّمها السفارة للمواطنين القطريين. وأشار إلى أن السفارة بدأت في إصدار التأشيرات منذ الثاني من أبريل، مؤكدًا ما لمسه من سعادة المواطنين والمقيمين بإصدار التأشيرات مباشرة من السفارة.
وعن إمكانية إقامة خط جوى مباشر بين الدوحة وكييف، قال إن هذه إحدى مهماتي كسفير لبلادي بالدوحة، أن يتم افتتاح الخط المباشر بين الدوحة وكييف هذا العام، مؤكدًا أن وفدًا قطريًا كبيرًا من شركة الخطوط الجوية القطرية سيزور أوكرانيا مايو الجارى لعقد الجولة الختامية من المفاوضات بهذا الشأن.
وأضاف: نعلم جيدًا أن الخطوط الجوية القطرية نشيطة وقوية وتتصدّر ترتيب الشركات باعتبارها الأولى على شركات الطيران في العالم والمسافة بين الدوحة وكييف قصيرة جدًا وتستغرق الرحلة حوالي 4 ساعات، لافتًا إلى أن الخط المباشر سوف يُتيح للأوكرانيين زيارة الدول الآسيوية عبر الدوحة ويُتيح للقطريين والمقيمين بالدوحة زيارة أوروبا الشمالية عبر كييف، كما أنه يساعد رجال الأعمال على كسب الوقت وتنشيط أعمالهم بدرجة كبيرة؛ ما يزيد من مجالات التعاون المشترك بين البلدين.
وأكد السفير الأوكراني أن فرص الاستثمار في أوكرانيا للقطريين تتزايد مع تزايد التقارب والتفاهم بين البلدين، لافتًا إلى أن قطريين يساهمون في استثمار فندق خمس نجوم في العاصمة كييف، حيث يدرس القطريون السوق والاقتراحات الأوكرانية بجديّة وإلى جانب السياحة توجد فرص في مجال الاستثمار الزراعي، لأننا ننتج ونصدّر ملايين الأطنان من الحبوب من قمح وذرة وشعير، وأيضًا مجال الحديد والصلب الذي ننتج منه أنواعًا متميزة ويمكن أن تستفيد منه دولة قطر خاصة مع قيامها بتطوير البنية التحتية على أعلى المستويات استعدادًا لبطولة كأس العالم 2022. كما تشتهر أوكرانيا بسمعة كبيرة في مجال التكنولوجيا ابتداء من تصنيع الطائرات التي تنتجها شركة انطونوف بأوكرانيا وصواريخ الفضاء التي تستخدم في إطلاق الأقمار الصناعية وغيرها من المجالات المختلفة.
وقال إن افتتاح سفارتنا بالدوحة سيكون له مردود إيجابى على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين والبالغ 40 مليون دولار سنويًا حيث زادت حركة تبادل الزيارات على مستوى الوزراء ورجال الأعمال، وهناك وفود أوكرانية كثيرة ستزور الدوحة الفترة المقبلة.
وقال إن فريقًا من الخبراء من البلدين يقوم على الإعداد لتوقيع 6 اتفاقيات جديدة بين البلدين، وسيتم الإعلان عنها خلال الشهور القادمة حيث تمّ توقيع 8 اتفاقيات بالفعل بين البلدين في وقت سابق .. ومن بين الاتفاقيات الجديدة اتفاقية مهمّة للغاية في مجال العلم والتكنولوجيا وأخرى في حماية وتشجيع الاستثمارات وثالثة خاصة بإقامة لجنة مشتركة في مجال التعاون التقني، كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم في مجال الصحة لما تتمتّع به أوكرانيا من مستوى متميّز في مجال الطب والتمريض، لافتًا إلى أن مواطني الخليج لديهم خبرة في السفر إلى أوكرانيا في مجال السياحة العلاجية.
وعن التعاون في قطاع النفط والغاز قال السفير الأوكراني إن هناك عدّة اتفاقيات مبرمة بين الجانبين في هذا القطاع، مشيرًا إلى وجود خطة لدى أوكرانيا تستهدف بدء شراء الغاز من عدّة دول أوروبية مجاورة بدءًا من العام الجاري، حيث نعتمد حتى الآن على الغاز الروسي. وأضاف: لدينا رغبة قوية في شراء الغاز من قطر التي تعتبر أكبر دولة في مجال تصدير الغاز المسال. وأكّد أن هناك مباحثات قوية في هذا الشأن؛ لأننا بصدد إنهاء مشروع ميناء ضخم يستقبل 5 مليارات متر مكعب من الغاز المسال سنويًا، وسيتم الانتهاء منه العام القادم، ولدينا عدّة مقترحات من عدّة دول عبّرت عن استعدادها لبيع غاز لأوكرانيا وفي مقدمتها قطر.
وكشف السفير الأوكراني عن زيارة وفد من اللجنة الأوليمبية القطرية لأوكرانيا مايو الجاري لتبادل الخبرات والاطلاع على الخبرة الأوكرانية في استضافتها لفعاليات كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم العام الماضي، قائلاً: قمنا بإنشاء 4 ملاعب جديدة وطرق ومطارات وتوجد علاقة وثيقة ومباشرة بين اللجان الأوليمبية في قطر وأوكرانيا.
وعن المواقف السياسية، أكّد السفير الأوكراني موقف بلاده من القضية المحورية بالشرق الأوسط المتعلقة بدولة فلسطين، قائلاً: لدينا توافق 100% مع دولة قطر والمجتمع الدولي حول رؤيتها لضرورة إنهاء الصراع العربي الإسرائيلى القائم على مبدأ حل الدولتين. وأضاف: نقدر تقديرًا عاليًا الجهود القطرية في دعم شعب فلسطين، لافتًا إلى الأثر الإيجابي القوي الذي تركته زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى لقطاع غزة ومساهمات سموه في تطوير وتنمية القطاع.
وأشار إلى الدور القطري البارز خلال السنوات الخمس الأخيرة في السياسة الدولية، موضحًا أن أكثر القرارات الملحّة التي تتخذ في العالم من قرارات سياسية تتماشى مع الدور القطري الكبير على المستويين الإقليمى والدولي. وقال إن أوكرانيا اعترفت بفلسطين منذ زمن بعيد وتعمل سفارة فلسطين في أوكرانيا منذ ما يقرب من 15 عامًا، كما أن لدينا ممثلين دبلوماسيين لأوكرانيا في رام الله ولدينا علاقات وطيدة مع فلسطين ونقدّم 20 منحة تعليمية سنويًا لأبناء فلسطين للدراسة في أوكرانيا.
وعن الأزمة في سوريا قال: لدينا قلق شديد للوضع المتأزم الذي يعيشه الشعب السوري والذي يمتلك وحده القرار الأخير، لافتًا إلى وجود المئات من الأوكرانيات متزوجات من سوريين ممن درسوا في أوكرانيا ولديهم عائلات وأطفال داخل سوريا وقدمنا لهم مساعدات وتمّ إجلاؤهم إلى أوكرانيا، كما استقبلنا المئات من اللاجئين السوريين ممن لهم عائلات أوكرانية ونرحّب بهم ونقدّم لهم كل الدعم الممكن.
وأضاف: سوريا كانت من أكبر شركاء أوكرانيا في الشرق الأوسط على المستوى التجاري وكان حجم التبادل بيننا يصل إلى مليار دولار سنويًا أغلبها صادرات أوكرانية لسوريا، ونؤيّد كل الخطوات التي تساهم في إنهاء الأزمة، لأن سوريا من أقدم وأعرق دول العالم، وعلينا أن نحافظ على التراث السوري لأنه ليس ملكًا للشعب السوري فقط بل للبشرية كلها.
وحول أوضاع الجاليات العربية والمسلمة في أوكرانيا قال ان هناك العديد من الديانات وكلها تتعايش في سلام وتآخٍ ويبلغ عدد المسلمين أكثر من مليوني نسمة من إجمالي 45 مليون نسمة سكان أوكرانيا، ومنذ استقلال دولتنا منذ ما يزيد على عشرين عامًا لم يحدث أي نزاع على أساس ديني وتوجد مساجد وكنائس شرقية وغربية ومعابد يهودية. وأكّد أن أوكرانيا ترعى دائمًا الصداقة والتآخي بين الأديان وتؤيّد كل المبادرات في هذا الاتجاه، وقد شارك الوفد الأوكراني ضمن فعاليات مؤتمر حوار الأديان الذي عقد بالدوحة منذ أيام.
وأكد السفير الأوكراني أن اللغة العربية يتم تدريسها في الجامعات الأوكرانية لأن كثيرًا من مواطني بلاده يعرفون العالم العربى من عدّة نواحٍ، فمن الناحية السياحية هناك ملايين من الأوكرانيين زاروا مصر للاستجمام في الغردقة وشرم الشيخ وكذلك الأردن والإمارات ويحترمون اللغة العربية، كما يدرس الشباب اللغة في الجامعات في مختلف المدن وبين الأساتذة والمعلمين أوكرانيون وعرب أيضًا.
وعن العلاقات القطرية الأوكرانية، قال : أمامنا مستقبل رائع بلا شك لزيادة مساحة التفاهم والتبادل بين البلدين حتى المزاجية القطرية تشبه إلى حد كبير المزاجية الأوكرانية، فنحن منفتحون ونحب أن نمزح ونحب الاجتهاد والعمل والاستمتاع بالحياة، وقد لمست في لقائي مع قطريين أنهم يعملون كثيرًا ويعشقون الحياة ويضعون الأسرة في مقدمة أولوياتهم كما يهتمّون دائمًا بتطوير وتنمية بلدهم، وكل هذه عوامل مشتركة بين الشعبين القطري والأوكراني تساهم بدرجة كبيرة في التقارب بين البلدين.